بغداد – واع – فاطمة رحمة
تُعد مكافحة سرطان الثدي من أبرز التحديات الصحية التي تواجهها المجتمعات حول العالم، والعراق ليس استثناء من ذلك.
ويُصنف سرطان الثدي كأحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء في العراق، مما يدفع الجهات الصحية إلى تكثيف الجهود لمواجهة هذا المرض عبر تعزيز الوعي وتقديم الفحوصات المبكرة وتطوير البنية التحتية للعلاج.
وزارة الصحة اتخذت إجراءات كثيرة لمكافحة سرطان الثدي، من خلال برامج التوعية والمبادرات الحكومية، وتذليل التحديات التي تواجه القطاع الصحي في توفير الرعاية المطلوبة.
وقال وزير الصحة صالح الحسناوي في كلمة له خلال المؤتمر العلمي الثاني لمجلس السرطان- وحضرها مراسل وكالة الأنباء العراقية (واع): إنه “ضمن البرنامج الحكومي لحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني والاهتمام بالمراكز التخصصية وعلى رأسها المراكز التخصصية بعلاج الأورام، افتتحنا عدداً من تلك المراكز بدءاً من واسط وصلاح الدين والمركز التخصصي في مستشفى الإمامين مع تطوير وتحديث المركز العلاجي في مستشفى الأمل”، مبينا، “إننا على أبواب إنجاز المركز الخامس في محافظة الأنبار”.
وأضاف، أن “هناك عدداً من المراكز في طور الإنجاز ونتوقع أن يتم افتتاحها خلال عام 2025″، مشيرا إلى، أن “الوزارة اهتمت بالجانب العلاجي وتوفير الأدوية اللازمة وكذلك بالجانب التشخيصي إضافة إلى التعاون مع البورد العربي لافتتاح دراسات خاصة بعلاج الأورام”.
وأكد، أن “جميع هذه الإنجازات ما كانت تتحقق لولا دعم الجميع بدءاً من مسؤولي وزارة الصحة وأعضاء مجلس السرطان ولجنة الصحة والبيئة في البرلمان وأصحاب المصانع الوطنية والشركات التي تعمل معنا في تنصيب وتوريد أجهزة السرطان”، لافتا إلى، أنه “ضمن أولويات الوزارة هو السرطان والأورام وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالأولويات الأخرى”.
وذكر، “إننا توجهنا هذا العام نحو الجانب الوقائي ونشر الوعي الخاص بالفحص الذاتي والحملات الخاصة بالفحوصات المعنية باكتشاف الأورام وخاصة اكتشاف أورام الثدي”، لافتا إلى، أن “هناك مشاريع أخرى تتعلق بالوقاية والفحوصات وجوانب أخرى”.
من جانبه، قال المدير الإداري والتشغيلي لمؤسسة وارث الدولية لعلاج الأورام الصيدلاني عمر زياد، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن “الوقاية من سرطان الثدي تبدأ بتوعية أكبر عدد ممكن من النساء العراقيات؛ كي يدركن أهمية الفحص المبكر لسرطان الثدي”، مؤكداً، أن “الكشف المبكر كفيل بتأمين فرص علاج أفضل، واستجابة أسهل، وهذا يتجلى من الشعار المطروح “حملة 99″ إشارة الى أن تسعاً وتسعين بالمئة من الحالات المكتشفة مبكراً تشفى”.
وأضاف، أن “مؤسسة وارث تقدم خدماتها الطبية على مدار السنة مجاناً بالسونار أو الماموغرام، وليس فقط في شهر الكشف المبكر.. تشرين الأول”، مؤكدا، أن “مؤسسة وارث غير ربحية، وتابعة إدارياً إلى هيئة الصحة والتعليم الطبي، وهي ذراع الرعاية الصحية في العتبة الحسينية المقدسة”.
وذكر، أن “المؤسسة تضم 125 سريرا و1700 موظف وطبيب وملاك إداري”، لافتا إلى، أنها “افتتحت فرعا لها في البصرة باسم مؤسسة الثقلين والتي أطلق المتولي الشرعي في العتبة الحسينية الشيخ عبد المهدي الكربلائي، حملة لتقديم خدماتها مجاناً مدة سنة كاملة لأهل البصرة”.
فيما أكد استشاري جراحة أورام الثدي والجراحة النسائية حيدر التميمي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “نسباً خطيرة من الإصابة بسرطان الثدي في كربلاء المقدسة بالدرجة الأولى، تليها البصرة”، عازيا السبب إلى، “غياب ثقافة الفحص المبكر”.
وذكر، أن “هناك تعاونا مع الإعلام في تنظيم حملات توعية إرشادية خلال شهر تشرين الأول (شهر سرطان الثدي في العالم)، وهي حلقة في سلسلة منهج مستمر طوال السنة؛ للتأكيد على النساء بضرورة الفحص المبكر، من خلال إجراء محاضرات وحملات ميدانية للفحص المجاني (السكرينن)”.
وأضاف التميمي، “إننا نعمل بجهد اجتماعي مشترك مع وسائل الإعلام، لنشر الوعي بمخاطر التأخر عن كشف السرطان، والتأكيد على ثقافة التعامل مع هذا المرض، وكيفية علاجه والسيطرة عليه، مرسخين قناعة ثبتت طبياً، بأنه لم يعد قاتلاً وعلاجه أصبح سهلاً إذا اكتشف في مراحله المبكرة”.
وتابع التميمي، أن “هناك جهدا طبيا من خلال طبيب العائلة والنسائية وأطباء الجراحة وأورام الثدي، بالإضافة إلى المؤسسات الطبية، حيث يقومون جميعهم بهذا العمل لمساعدة المجتمع؛ بهدف تعطيل خطورته من خلال المحاضرات والبوستات التي تشجع على الكشف المبكر”.
وأوضح، أن “الدعم النفسي جزء أساسي من العلاج، وكل مركز أورام فيه قسم خاص بالدعم النفسي؛ لتطمين المصابة بسهولة هذا المرض وتبسيطه في العائلة، وأن يتقبلوا الواقع الجديد لتسهل عليهم خطة العلاج”.
ونبه التميمي، أن “النسبة العالمية تقول إن سيدة من كل ثمان سيدات مصابة بهذا المرض، أما إحصائية وزارة الصحة في العراق، فواحدة أو اثنتان من كل ثمان نساء مصابة به، كون العراقيات لا يلتزمن بالكشف المبكر عن هذا المرض”، مبينا، أن “وزارة الصحة والمؤسسات الخاصة ومؤسسات العتبة بدأت تعمل على الحث باتجاهه”، مشيرا إلى، أن “أكثر المحافظات حسب إحصائية وزارة الصحة فيها نسبة عالية من الإصابات هي كربلاء ثم البصرة”.
وبين، أن “العراق يمتلك مراكز صحية جيدة وأطباء كفوئين جدا، لكن نحتاج إلى المزيد من المؤسسات؛ كون الحالات بازدياد”، موضحا، أنه “لا توجد أسباب محددة لسرطان الثدي، وإلا كنا وضعنا علاجاً حاسما، والمعروف هو عوامل جينية وهرمونية والأدوية والإشعاع وغيرها، وهذه العوامل هي التي تجعلنا نحرص على الكشف المبكر، أما الحالات الرجالية النادرة (اللايف ستايل الخامل والسمنة) من الممكن أن تؤدي لهذه الأمراض، بالإضافة إلى تناول الهرمونات والنمط الغذائي السيئ (المهرمن)”.
وأشار إلى، أن “هناك من يسكن قرب مناطق نفايات مشعة أو مكبات مشعة، وغيرها من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى انتشار سرطان الثدي”.
فيما ذكرت طبيب اختصاص طب الأورام في مستشفى الأورام في مدينة الطب صبا مهدي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “معظم الأطباء الاختصاص الموجودين يشاركون داخل مدينة الطب في ايفنتات تعمل عليها منظمات راعية للمرأة في العراق ويشاركون بالتوعية ونشر أهمية الكشف المبكر عن أورام الثدي بتحسين حياة المرأة العراقية”، موضحة، أن “الكشف الذاتي لن يكون كاملا بدون وجود أجهزة معينة للفحص، حيث إن وزارة الصحة متمثلة بقسم السرطان وشعبة الكشف المبكر تتوفر بها سيارات تحتوي على أجهزة الكشف وتكون على صورة دورية، وهناك حملات على مستوى المحافظات ودوائر الصحة تسهل الفحص على المريضات اللاتي ممكن أن تستصعب التوجه للعيادات”.
وأكدت، “لا نريد أن نرى مريضة متقدمة بل نريد أن نرى المريضة قبل تولد أعراض المرض”، لافتة إلى، أنه “في السابق كان هناك برنامج إخلاء طبي بسبب الحالات التي تحتاج للإشعاع والمراكز الموجودة، لم تتمكن من شمول جميع المريضات، فكان للوزارة برنامج الأخلاء الطبي وهو إرسال المريضات إلى تركيا وغيرها”.
وأوضحت، “بعد أن دخلت مستشفى وارث للعمل، تحول برنامج الإرسال إلى مستشفى وارث بالكامل، حيث إن المريضة التي يتأخر موعدها يتم تحويلها إلى اللجان الطبية لتحول بعد ذلك إلى مستشفى وارث”.
وبينت، “إن 1 بالمئة من الرجال يصابون بسرطان الثدي بسبب طفرة جينية”، موضحة، أن “نسبة المرض في العراق ليس زيادة عن المجتمع، حيث إن العراق حتى الآن أقل من عدة دول جوار، لكن التطورات التي حدثت في الفحص زادت عيادات الكشف، فأصبحنا نشاهد أعدادا أكثر”.